القلم مفتاح السجن

أصيل الصليحي :
أتردد كثيرا عن الكتابة هذه الأيام
الأمر مخيف جدا، ثمة شيء
لا أدري ما الذي يجعل شيئا كالحلم والشغف أن يتحول إلى مصدر خوف في لحظة ما !
أشعر بعدم رضا ليس معروفا، أبدو غريبا هذه المرة، قاسيا، متبلدا، لا أفهم ما الذي يحدث تماما حين يتعلق الأمر بالكتابة، الأدب، الشعر !
يا للأسى!
ألا يكفي أن أتذكر محمد القاضي حساب بديل ؟
هذا الوغد واحد من أصدقائي الكثيرين من أبناء الجبزية، ثلاثيني أراد يوما أن يحمل قضية جوهرية في الدفاع عن هذي البلاد، كان يتحدث وينشر كثيرا عن حركة أقيال في اليمن؛ باعتبارها الفعل الثقافي والفكري الوحيد الذي بدوره سيواجه فكرا معاديا واجراميا هو فكر الحوثي ومشروعه الخطر..
كان محمد صديقي ولا يزال، وكنتُ أول من حدثه وناقش معه فكرة أقيال، قبل خمس سنوات تقريبا، هذا الإنسان البسيط المسكين، القادم بطبعه البريء من ريف تعز. لقد قضى سنة كاملة في سجن الأمن السياسي في مأرب، سنة كاملة خلف القضبان، دونما سبب يذكر سوى منشورات ظل ينشرها على حسابه في فيسبوك، لقد ظل لفترة طويلة ينشر ويتحدث هناك عن مناصرته لحركة أقيال، الأمر الذي كلفه أن يدفع سنة كاملة من عمره في السجن.
للأسف، لم يلتفت إليه أحد، لم اتواصل معه، لقد عجزنا، بكينا، حالة يأس وموات تعرضت له من بعده .
المؤلم أكثر، أن سجنه كان في مأرب، آخر قلاع الجمهورية، يلي ذلك أنه لم يكن متحوثا، ولا إرهابيا، ولم يفعل شيء ضد السلطة التي سجنته !
محمد، أتواصل معه مابين وقت وآخر، بعد خروجه من السجن، أعتذر له دائما، أشفق حالته، أحاول البكاء معه، أشجعه على الرقص، النسيان، أتبادل معه اللعنات، الشتائم، البصق على النخبة والمسؤولين هنا وهناك، هكذا بقصد الإغواء، لا أكثر، إنها الحيلة الوحيدة، للأسف !
وللأسف أكثر، كان محمد، منذ أن دخل السجن، وانقطعت أخباره هناك، لحتى خروجه منه؛ سببا كافيا لقلقي، مخاوفي، وتوقفي عن الكتابة..
الكتابة أكثر الأشياء التي يقتل بها الإنسان نفسه .. اللعنة، سأنام، ولتموت اللغة، لتدفن القصة، الكلمة، الفكرة هناك في منطقة غير مرئية لأحد..